لقاءات حوارية أجراها الدكتور زياد محمد حميدان مع سماحته/ مقتطفة من كتاب "العلامة الرباني الشيخ رجب ديب، نبراس دعوة ومنار هداية"/ بتصرّف.
تـتوافق نظرة فضيلة الشيخ إلى العلوم الشرعية مع آراء كثيرين من الدعاة والمصلحين الذين يرون ضرورة تمحيص العلوم الشرعية، وإخراجِها في ثوب جديد يناسب العصر، بأسلوب يجمع الأصالة والمعاصرة، فإذا كان الدين يصلح لكل زمان ومكان فما هو جهدُنا في هذا الزمان، بعد أن قدم السلَفُ الصالحُ جهودَهم في أزمنتهم؟
س: كيف يمكن تناول وإيصال الحكم الشرعي في ظل الحياة اليومية المعاصرة وهل لكم من رأي حول تبويب كتب الفقه القديمة؟
لقد بذل سلفنا الصالح رضي الله عنهم وأرضاهم جهدَهم وسهرَهم في كتابة العلوم الشرعية، وأبوابها من الفقه، ولقد أدّوا واجبهم الديني حسب استعدادهم وما أملاه عليهم زمانُهم، ونحن أهل هذا الزمان يجب علينا الآن أن ننظر في الكتب الشرعية فنمحصها مما علق بها من أحكام لا تـنطبق على زماننا، وخاصة ما كان فيها من تـشدد فَرق الأمةَ وجعلها تحارب بعضها بعضاً. فالدين واحد والقرآن واحد والنبي واحد، فيجب أن تكون الأحكام الشرعية مؤلِّـفةً بين الـقلوب، بالتيسير من غير تعسير، وأن نُدخِلَ فيها ما اضطر المجتمع إليه في هذا الزمان, ليتخرجَ الفقيهُ عالماً بما ورد عن رسول الله مما يـيسر على الأمة الأحكام الشرعية.
ولست أقصد بذلك نسخَ المذاهب، ولكن أطلب العالِمَ الذي يجمع بين المذاهب في الأحكام الشرعية التي تحمل التيسير من غير انفلاتٍ، محترمين بذلك كل المذاهب والفقهاء الذين حملوا إلينا هذا النور الواسع. ويجب إعادة النظر في تخريج الأحكام بأن نربط كل حكمٍ بدليله الشرعي من الكتاب والسنة.
وإذا اضطرب عندنا حُكمان في حديث واحد فلنأخذ كلّ طَرفٍ لزمانه ولوقته، لئلا نقع في الطعن بأحد المجتهدين. وحبّذا لو ارتبطت الأحكام الشرعية بما يناسبها من الطب والتاريخ وبقية العلوم.
س: ما منهجكم في التفسير ، وخاصة أن دروسكم العامة معظمها في تفسير كتاب الله عز وجل؟
أولاً :أحيل تـفاصيل هذا السؤال إلى مقدمة كتابي في التـفسير.
ومنهاج التـفسير:إيصال الفهم إلى العقول بما يجعل كل قارئ يحس بأنه المخاطب الوحيد بآيات القرآن، ليقوم بتطبيقها على نفسه وفي حياته. والتـفسير هو الدلالة على العلوم التي حواها القرآن الكريم من كل العلوم العصرية؛ من تاريخ وجغرافيا وطب وفيزياء وكيمياء، وغير ذلك مما يجعل علوم القرآن تغزو كل القلوب بما يملؤها من سعة في العلوم والفنون، وليس هذا بشرح للـقرآن بالعلوم، ولكن لإثبات أن
الـقرآن كلام الله تعالى وأنه جمع كل العلوم، وأن الله قد أحاط بكل شيء علماً.
س: بم تنصحون الجيل في اطّلاعه على العلوم الإسلامية؟
أنصح المسلم أن يطَّلِـع على الكتب الإسلامية التي تـشرح علوم الإسلام في كل الفنون؛ مِن اقـتصادٍ واجتماعٍ وسياسةٍ وعلومٍ وفلكٍ، وأن يأخذ كلٌّ حسب ميوله، وإني لأرغب للمسلم أن يدرُسَ كتبَ المعاصرين ككتب الـشيخ الغزالي والمودودي والـقرضاوي وغيرهم من الصالحين. |