بسم الله
الرحمن
الرحيم
أخي
المسلم:
أقدم نصيحتي
إليك لا لعلم
ولا لفضل، بل
لأكتسب منك
دعوة صالحة
تلحقني. لعل
الله أن يغفر
لي خطيئتي
ويعفو عن
زلتي،
ولألقى الله
وقد أديتك
حقك من النصح
وإن لم أجتمع
معك، وتلك هي
وصيتي
الموجزة
أقدمّها
علّها أن
تنفعك بإذن
الله تعالى.
أوصيك
بوصية الله
تعالى لعباده
بقوله:
()(1)
أخي
المسلم:
التقوى هي:
أخذ الوقاية
من كل مؤذٍ
وضارٍ ديناً
ودنيا، ومنه
أن كل خطيئة
ومعصية وزلّة
نهى عنها دين
الإسلام
يسمى
اجتـنابها
تـقوى،
فالتـقوى هي
الحصن
والحفظ عن كل
ما يسخط الله
عليك، وهي كل
باب يقربك من
ربك ويرضيه
عنك،
والتـقوى
امتـثال أمر
الله في
الطاعات،
واجتـناب
محارم الله
في السيئات.
فعليك
بها فإنك لن
تـشقى
بعدها،
ولتكن تـقواك
مقرونة بحب
الله أو خشية
منه، فإن
كانت على حب
فان المحب يستحي
أن يراه
المحبوب على
أمر لا يحبه
ولا يريده،
وإن كانت على
خشية فصاحب
الخشية يخشى
أن يراه
السميع
العليم
البصير على
أمر فيه مخالفة
له، واسمع
وصية حبيبك
المصطفى صلى الله
عليه وسلم يقول:
"أوصيك
بتـقوى الله
في سر أمرك
وعلانيته،
وإذا أسأت
فأحسن، ولا
تسألنَّ
أحداً
شيئاً، ولا
تـقبض
أمانة، ولا
تـقض بين
اثـنين " (2).
"أوصيك
بتـقوى الله
فإنه رأس كل
شيء، وعليك بالجهاد
فإنه
رهبانية
الإسلام،
وعليك بذكر الله
تعالى
وتلاوة
القرآن فإنه
رَوحك في
السماء
وذكرك في
الأرض " (3).
وأوصيك
بالحياء من
الله، فإن
الحياء قرين
الإيمان،
والحياء منه
أن تـتيقن
وتشعر أن
الله معك يراك،
ويشهد عملك،
ويسمع
كلامك،
ويعلم نيَّـتك،
ولا تخفى
عليه منك
خافية،
فاحترس أن
يطَّلع عليك
بعلمه فيراك
على معصية،
فتسبب لنفسك
القطيعة عن
وصاله،
والحجاب عن
خشيته، والبعد
عن مراقبته،
فعندها
تـتمادى
نفسك بالشر،
ويموت في
نفسك واعظ
الخير، فلا
تشعر بندم،
ولا تحسُّ
بتأثر، وهذا
هو موت القلب
عن الله
والعياذ
بالله، وفي
الحديث قال صلى
الله عليه
وسلم:
"استحيوا من
الله حق
الحياء فإن
الله قسم بينكم
أخلاقكم كما
قسم بينكم
أرزاقكم"(4).
ح
ـ "استحْيِ
من الله
استحياءك من
رجلين من صالحي
عشيرتك" (5).
ح ـ "إذا
أبغض الله
عبداً نزع
منه الحياء
فإذا نزع منه
الحياء لم
تلقه إلاّ
بغيضاً
مبغضاً، ونزع
منه
الأمانة،
فإذا نزع منه
الأمانة نزع منه
الرحمة،
فإذا نزع منه
الرحمة نزع
منه ربقة
الإسلام،
فإذا نزع منه
ربقة
الإسلام لم
تلقه إلا
شيطاناً
مَريداً " (6).
وأوصيك
بحسن
الخُلُق مع
الخَلْق،
فإنّ حُسْنَ
الخُلُقِ
يذيب
الخطايا،
ويزيد في
الحسنات،
ويجعل لك بين
الناس منزلة
التكريم
والتبجيل.
وحسن الخلق
أفضل صفة
يتصف بها
العبد، فقد فطرت
الأنبياء
عليها،
وبعثوا
صلوات الله
عليهم
لتـتميم خلق
الناس
ليبلغوا
درجة الفضيلة
والكمال
النسبي،
"إنما
بعثت لأتمم
مكارم
الأخلاق" (7).
"الخُلُقُ
الحسنُ
يذيبُ
الخطايا كما يذيبُ
الماءُ
الجليدَ،
والخلقُ
السوءُ يفسدُ
العملَ كما
يفسدُ
الخلُّ
العسلَ" (8).
و"أوحى
الله إلى
إبراهيم: يا
خليلي حَسِّنْ خلُـقَكَ
ولو مع
الكفار تدخل
مداخل
الأبرار فإن
كلمتي سبقت
لمن حسَّن
خلقه أن
أظلَّه في عرشي،
وأن أسكِنَه
حظيرة قدسي،
وأن أُدنيه
من جواري" (9).
وعليك
بالإحسان
إلى والديك
وإن ظلماك،
فإنهما وصية
الله عندك،
قال
تعالى: ()(10)،
وخاصة
والدتك التي
أسهرت
ليلها،
وأظمأت نهارها،
وحملتك بين
أحشائها
تسعة أشهر
وهناً على
وهن،
فأدِّها
حقَّها من
التكريم
والطاعة
وبذل الجهد
في خدمتها، واجتهد
أن لا ترفع
صوتك على
والديك، ولا
تعبس بوجهيهما،
ولا تعرض
عنهما إذا
حدَّثاك،
ولا تغضب
منهما إذا
أدَّباك
وعلَّماك، ()(11)
فإنهما
عندك ضيفان
يزيدان في
كنز سعادتك
بدعائهما،
ويرفعان لك
درجة كرامتك
برضائهما، ويظلِّلانك
بظلِّ
التوفيق
بفرحهما،
ويدفعان عنك
الشقاء
والتعاسة
بسرورهما،
فابذل جهدك
في ما
تـفعله،
واصبر
وتحمّل منهما،
(فَلاَ
تَقُلْ
لَّهُمَآ
أُفٍّ) (12) أبداً
فإنها كلمة
شقاء الحياة.
واعلم
يقيناً أنّ
ما تـفعله
بوالديك
اليوم سوف
يُعاد إليك كَيْلُهُ
غداً من
أولادك،
"فكما تدين
تدان وبالكيل
الذي تكيل به
تكتال".
__________________________________________
(1) (م:4:النساء-الآية:131)
(2) أخرجه
الإمام أحمد
في (مسنده، 5: 181
عن أبي ذر أبي رضي
الله عنه،
وصححه
السيوطي
في(الجامع
الصغير، 1: 375،
رقم 2792).
(3) أخرجه
الإمام أحمد
في (مستنده، 3: 82)
عن أبي سعيد الخدري
رضي الله
عنه،
وحسنَّه
السيوطي في
(الجامع
الصغير، 1: 375،
رقم 2791).
(4) أخرجه
البخاري في
التاريخ عن
ابن مسعود
رضي الله
عنه، وحسنّه
السيوطي في (الجامع
الصغير، 1: 127،
رقم 972).
(5) رواه
ابن عدي عن
أبي أمامة
رضي الله عنه:
وضعفه
السيوطي في
(الجامع
الصغير، 1: 127،
رقم 971).
(6) رواه البيهقي
عن عبد الله
بن عمرو بن
العاص رضي
الله عنهما.
انظر: (كنز
العمال، 3: 128،
رقم 5798).
(7) أخرجه
الإمام أحمد
في (مسنده، 2: 381)
والبخاري في الأدب
والحاكم
والبيهقي في
الشعب عن أبي
هريرة رضي
الله عنه
بلفظ:"صالح
الأخلاق".
وصححه السيوطي
في (
الجامع
الصغير، 1: 348،
رقم 2584).
(8) أخرجه
الطبراني في
الكبير عن
ابن عباس رضي
الله عنهما،
وضعفه
السيوطي في (الجامع
الصغير، 559:1،
رقم 4137).
(9) أخرجه
الحكيم
الترمذي
والطبراني
في الأوسط عن
أبي هريرة
رضي الله
عنه، وضعفه
السيوطي في (الجامع
الصغير1: 373،
رقم 2781)
(10) (م:46:
الأحقاف-
الآية:15).
(11-12) (ك: 17: الإسراء-الآيتان- 23 و
24).
|